بناء إستراتيجية التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعام 2023

بناء إستراتيجية التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي 2023

أغلب الناس يخلطون بين الاستراتيجية والخطة، دعني أقول لك، عندما يتعلق الأمر بإستراتيجية التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي فإن المترادفان ليسا بعيدين تمام البعد، وذلك بسبب أن أغلب منصات التواصل الإجتماعي تعتمد على فكرة الخط الزمني timeline مما يجعل بناء استراتيجية تسويقية أمر صعب جدًا … ولكنه ليس بمستحيل.

في أي منصة للتواصل الإجتماعي ستجد الجماهير مُلتفّة حول آخر المواضيع المُثارة، كل يوم مواضيع جديدة تختلف عن اليوم السابق، وكل موضوع مَضَى، ومهما كان جدليًا سيندثر. يتوافد على حسابك متابعون جدد، وتختفي منشوراتك عند جمهور قديم اعتاد متابعتك، تأخذك أمواج منصات التواصل حيثما تشتهي الريح لا حيثما تشتهي أنت. فماذا تستطيع أن تفعل؟

قبل كل شيء، يجب أن تعلم أن كل هدف لابد له من مرونة كافية لتحقيقه، وأن تحديث هذا الهدف وتطويره رُكن أساسي في التخطيط، لذلك فإن استراتيجية التسويق المقترحة التالية تستطيع تطويرها وإعادة تشكيلها حسب شركتك وأهدافك.

اعتبر أن استراتيجية التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبارة عن دائرة، مكونة من ثلاثة مراحل:

1. مرحلة التعريف

2. مرحلة التحفيز

3. مرحلة التحويل وتلقّي طلبات الشراء

دعنا نوضح أكثر:

مرحلة التعريف: ما قصتك؟ وماذا تقدّم؟

كم مِن منتج رأيته فأعجبك، ثم بحثت عنه ولم تعرف أسماء الشركات التي تبيعه؟

هذا هو، الشركات تأخذ مرحلة التعريف بنفسها كأنها تحصيل حاصل أو كأن الجمهور بالفعل يعلم. تجاهُل مرحلة تعريف المنشأة بنفسها وبخدماتها، ببساطة يجعل جمهورًا خاطئًا يطرق بابك، وجمهورًا صحيحًا مُستهدفًا لا يعرف أين أنت ولا يعرف كيف يصل إليك. 

عرّف بنفسك، وبمنتجاتك وبخدماتك، وكرِّر التعريف بشكل دوري كل فترة، لجمهورك الحالي ولجمهور جديد ودائرة أوسع. منهج الغموض منهج خطأ في عمل الشركات، وإنما أصبحت الشفافية والمصداقية حقًا من حقوق الجمهور والعملاء والمستثمرين. ولا أقصد هنا بتعريفك بنفسك أن تُعَرِّف جمهورك ألف باء عن هوية شركتك وما تفعل، لا تنشر على منصات التواصل الاجتماعي فتقول لهم أنا أبيع المُثلَّجات، ولكن وصّلها للجمهور في رسائل غير مباشرة ليُعلَم ما تفعل، ووضِّح ما هيت شركتك، وموقع علامتك التجارية في السوق، والميزات التي تتفوق بها على المنافسين.

مرحلة التحفيز:

لماذا أشتري منتجك؟ ما مدى احتياجي إليه؟ وما القيمة التي سأحصل عليها من منتجك أو خدماتك؟ ما الفرصة الشرائية التي إلّم أغتنمها سأخسر؟ مرحلة التحفيز هي إجابة تلك الأسئلة بمنشورات عن منتجاتك وخدماتك على منصات التواصل الإجتماعي. 

وقبل أن نستكمل التوضيح في هذه النقطة، دعني أقول لك: قبل أن تخلِق حاجات جديدة عند جمهور غير مناسب لتسوّق منتجاتك، ابحث عن الجمهور الذي يحتاج منتجاتك بالفعل ويحتاجها فورًا وحاول أن تصل إليه وتتواصل معه بالتسويق على الشبكات الإجتماعية، هذا سيوفر عليك وقتًا كبيرًا ومجهودًا تسويقيًا أكبر. الجمهور الذي يحتاج منتجك بالفعل، ليس بحاجة إلى أن تقنعه ليشتري ولا أن تخلق احتياجًا جديدًا عنده لمنتجك، ولا إلى وقت كبير حتى يقتنع، هو جمهور موجود بالفعل ولن تحتاج لعملية تسويق مكلفة ولا لوقت طويل وطرق إقناع ليختارك. فابحث أولًا عن جمهورك الذي يحتاجك، ثم وسع الدائرة على نفس النمط.

في مرحلة التحفيز، تقوم بإظهار القيمة المضافة التي سيعطيها منتجاتك أو خدماتك للجمهور مقابل أمواله، كلما زادت تلك القيمة، وشعر الجمهور بأنها فرصة لن تُعوَّض كلما زاد الحافز لديهم لشراء منتجك، وأصبح على شفا عملية الشراء. 

استعرض ما يميز منتجاتك عن منتجات المنافسين، وما ستعطيه لجمهورك مقابل ماله، إذا كانت منتجاتك أقل أسعارًا، إذًا استعرض عروضك الترويجية وأسعارك التنافسية، إذا كان توصيلك أسرع، إذًا استعرض خدمات التوصيل المريحة لجمهورك، إذا كانت منتجاتك أجود وأنفع، استعرض هذه النقاط بحماس وبتحفيز لجمهورك. 

اجعل جزءًا من تحفيزك أيضًا مخصص للشهادات الإيجابية من العملاء في حق منتجك وفي حق شركتك، فإن كانت سيكولوجية الجماهير من أقصر الطرق في انتشارك والترويج لمنتجك، فهذه هي احدى الوسائل البسيطة من تلك السيكولوجية. عميل مرّ بتجربة شرائية ممتعة ومثمرة في شركتك، وأثنَى عليها، فسلِّط الضوء على شهادته في حقك، تحفيزًا للجمهور المُحتَمل ليسارع بعملية الشراء. 

واعلم أن الاستفزاز من عوامل لفت النظر في المحتوى تسويقي، ولا أقصد بالاستفزاز هنا مضايقة جمهورك، ولكن أن تستفز حماسهم وتفاعلهم، بمنشورات قد تعالج بعض المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالمنتجات، أو تصحح بعض المفاهيم المجتمعية الخاطئة، اجعل لمنتجك قيمة أبعد من مجرد عملية مادية بحتة، اجعله يرسخ في أذهان جمهورك الحالي والمُستَهدَف، واجعلهم ينشغلون به انشغالًا إيجابيًا مُثمرًا… لا مُدمِّرمًا.

عملية التحويل:

حال جمهورك المُنتَظَر أو المُحتَمَل هو أحد حالين: إما أنه سيشتري هذا المنتج لأول مرة، أو أنه يعتاد شراءه من مكان آخر فأتى إليك، وفي الحالتين نسميها عملية التحويل، ويُقصَد بها تحويل السلوك الشرائي للعميل، بأن يتغير سلوكه الشرائي لصالح شركتك، فيشتري منتجك أو يطلب خدماتك، أو يختارك أنت على شركات أخرى سبق واشترى منها.

عملية التحويل هذه، ستحصد بها ما زرعته في مرحلة التعريف بنفسك ومرحلة التحفيز، تستطيع ببضعة أوامر Call To Actions على منصات التواصل الإجتماعي أو بعرض توفير سخي على منتجك، أن تجني ثمار مجهوداتك التسويقية على منصات التواصل الإجتماعي. 

طريقة الأمر CTA أو الـ Call To Action ليست تسلطًا منك على الجمهور، وإنما هي لإخراج الجمهور من شتات منصات التواصل الإجتماعي، وقبل أن يحرك العميل شاشة هاتفه ليرى المنشور التالي، أعطِه شيئًا مُحدَّدًا يفعله، مثل اضغط على الرابط، اطلبنا الآن على الهاتف رقم كذا، سارع بالحجز قبل نفاد الفرصة.

لا تستخدم الأوامر بشكل مفرط فتصبح بلا قيمة، ولا تفوِّت فرصة استخدامها في الوقت المناسب، واستخدمها في مرحلة التحويل بشكل أساسي، ربما لبضعة أيام أو لبضعة أسابيع لحين انتهاء فترة العروض.

التعريف، التحفيز، ثم التحويل، ثلاثة مراحل تستطيع أن تكوِّن بها استراتيجية التسويق الخاصة بك على منصات التواصل الإجتماعي، وتعيدها بشكل ربع سنوي، أو كيفا يتطلب منتج.

وإليك بضعة نصائح في استراتيجية التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي

  • خصِّص جزء من النشر لك و لصالح شركتك، وجزء لجمهورك: كل علاقة من طرفين لابد لكل طرف فيها من أن يجد شيئًا يُهمّه وينفعه، أنت طرف وجمهورك الطرف الآخر. ولكي تفهم، اسأل نفسك: ما الذي يجعلني أتابع حسابًا أو صفحة فيسبوك أو انستاجرام، لا ينشرون إلا عن شركتهم ومنتجاتهم؟! الإجابة: لا شيء، بالأخص لو احتياجك لهذا المنتج غير ضروري أو غير مُلِح أو يمكن تأجيله أو أنه منتج تستخدمه كل فترة كبيرة. لذلك، لابد من وجود منشورات تُهِم جمهورك وتنفعه حتى لو خارج نشاط الشركة، بل لابد أن يكون هناك منشورات ليس لها علاقة بنشاط الشركة وتنفع الجمهور ليتابعها باستمرار. بعض مؤسسي علم السوشيال ميديا نصحوا بأن تكون نسبة المنشورات التابعة لنشاط الشركة 20% من المنشورات، وأن تكون نسبة المنشورات التي تهم الجمهور وتنفعه 80% من المنشورات.

هذه النسبة ليست فرضًا عليك تنفيذها، ولكن لتعلَم مدى أهمية الأمر، فافعل منها ما تستطيع، واهتم بالنشر عمّا يهتم به جمهورك.

  • أعِد الكرَّة: اعتماد أغلب منصات التواصل الإجتماعي على الخط الزمني أو الـ timeline يجعلك تحتاج إلى إعادة دورة الخطة بعد اكتمالها، لا بأس بإعادة نشر منشوراتك نفسها بدون تغيير، ولكن هذا ليس المقصود.

المقصود أنك إذا بدأت قمت بتنفيذ الثلاث مراحل من استراتيجية التسويق، بدأت بتعريف نفسك وتعريف منتجاتك ثم روّجت للعروض وحفّزت الجمهور، ثم بدأت في مرحلة التحويل وتلقي طلبات الشراء، فهذه دائرة مكونة من ثلاثة خطوات، ستحتاج كل فترة لتكرارها. لماذا؟ لأن كل أسبوع لديك مجموعة جديدة من المتابعين، لم يشاهدوا أي شيء مما نشرت، ولم يرموا بهذه المراحل معك، إلا إذا تصفحّوا منشوراتك السابقة وهذا لا يحدث كثيرًا، وإن حدث فسيكون بشكل سريع لا يُرجَى من ورائها تلقّي طلبات شرائية كثيرة. بناء الثقة يحتاج إلى وقت، وقرار الشراء يحتاج إلى شجاعة.

لذلك، يمكنك أن تضع خطة ربع سنوية، لإعادة الكرّة للمتابعين الجدد، بداية من التعريف بنفسك، كيف بدأت، ولماذا بدأت، ومتى بدأت، ما هي منتجاتك، وميزاتها التنافسية، ما تستطيع تقديمه لجمهورك من تسهيلات في الدفع ومن عروض، ثم تطلق حملة مفعَمَة بأوامر الـ CTA لتحصيل طلبياتك. ثم تعيد الكرّة.

  • استمرار النشر على منصات التواصل الإجتماعي ولو بمنشورات قليلة: العبرة ليست بكثرة المنشورات وتوالي العروض الترويجية، العبرة باستمرار النشر ولو ببضعة منشورات شهرية قليلة، وهذا تحديدًا ما يعمل على تحسين محركات البحث وترقية منصات التواصل الإجتماعي الخاصة بك في نتائج البحث، وظهورها في النتائج الأولى للجمهور المُستهدّف والعملاء المُحتَمَلين، وهذه إحدى أهم الأدوات في استراتيجية التسويق.
  • لا تقحم شركتك ومنتجاتك في كل تريند وفي كل موضوع مثار على الشبكات الاجتماعية، ولكن استغل ما يتعلق بك جدًا وأحسِن استغلاله بدون افتعال. من الخطأ أن تقحم شركتك في كل موضوع جدلي مثار، ومن الخطأ أيضًا تجاهل التعليق على المواضيع التي تثير تفاعل الجمهور وتجذب نقاشهم وجدالهم. 
  • اعرف أهم الكلمات البحثية التي يستخدمها جمهورك في البحث عن منتجاتك، وأدرج هذه الكلمات والجُمَل في منشوراتك.
  • تجنَّب الشتات، لن تبيع للجميع، ركز في نوعية واحدة من الجمهورالمُستهدَف، اختارها بعناية، وهؤلاء هم الذين سيجلبون لك البقية وتتسع الدائرة. أما الشتات واستهداف الجميع، فسيجعل محركات البحث تضعك في مراتب متدنية جدًا.
  • راقب مدى تفاعل جمهورك على كل نوعية من المنشورات، وانشر من النوعية التي تزيد من تفاعله.
  • راقب نتائجك التسويقية على كل منصة من منصات التواصل الإجتماعي، وراقب أعلى نتائج مبيعات استطعت تحقيقها على أية منصة تحديدًا، واهتم أكثر بهذه المنصة التي ازدادت فيها مبيعاتك، وحققت بها أهداف الاستراتيجية التسويقية.
  • وبعد أن تحدد المنصة التي يتيسر فيها تسويق منتجك أكثر، خصِّص لها ميزانية للإعلانات الممولة على منتجاتك.

تكوين استراتيجية تسويقية على منصات التواصل الإجتماعي ليس بعسير، فقط اعرف موقعك، وهدفك، وجمهورك، وببضعة خطوات بسيطة وبعد قراءة هذا المقال، ستصل بإذن الله. فقط استمر بالسعي، وحدِّث معلوماتك كل فترة، وتعلّم من أخطائك.

Similar Posts